أظمتني الدنيا فلما جئتها
مستسقيا مطرت علي مصائبا
وحيد من الخلان في كل بلدة
إذا عظم المطلوب قل المساعد
جمح الزمان فلا لذيذ خالص
مما يشوب ولا سرور كامل
لحى الله ذي الدنيا مناخا لراكب
فكل بعيد الهم فيها معذب
بذا قضت الأيام مابين أهلها
مصائب قوم عند قوم فوائد
والموت آت والنفوس نفائس
والمستعز بما لديه الأحمق
نبكي على الدنيا وما من معشر
جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
رمى واتقى رميي ومن دون ما اتقى
هوى كاسر كفي وقوسي وأسهمي
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عدوا له ما من صداقته بد
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
بأنني خير من تسعى به قدم
انا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
قالت وقد رأت اصفراري من به؟
وتنهدت! فأجبتها المتنهد
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه
تصيده الضرغام فيما تصيدا
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت ايلام
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والإقدام قتال
وخير مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
لا تعذل المشتاق في أشواقه
حتى يكون حشاك في أحشائه
نشرت ثلاث ذوائب من شعرها
في ليله فأرت ليالي أربعا
واستقبلت قمر السماء بوجهها
فأرتني القمرين في وقت معا
لقد حازني وجد بمن حازه بعد
فيا ليتني بعد ويا ليته وجد
جود الرجال من الأيدي وجودهم
من اللسان فلا كانوا ولا الجود
إذا نلت منك الود فالمال هين
وكل الذي فوق التراب تراب
أبعين مفتقر إليك نظرتني
فأهنتني ورميتني من حالق
لست الملوم أنا الملوم لأنني
علقت آمالي بغير الخالق
طوى الجزيرة حتى جاءني خبر
فزعت فيه بآمالي إلى الكذب
فلما لم يدع لي صدقه أملا
شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
ولو كن النساء كمن فقدنا
لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال
أبنت الدهر عندي كل بنت
فكيف وصلت أنت من الزحام
(بنت الدهر: المصيبة)
قد كنت أشفق من دمعي على بصري
فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده من توهم
ورب عائب قولا صحيحا
وآفته من الفهم السقيم
قد شرف الله أرضا أنت ساكنها
وشرف الناس إذ سواك انسانا
وكل أناس يتبعون إمامهم
وأنت لأهل المكرمات إمام
ما كنت ممن يدخل العشق قلبه
ولكن من يبصر جفونك يعشق
إني وإن لمت حاسدي فما
أنكر أني عقوبة لهم
ولقد رأيت الضر أحسن منظرا
وأهون من مرأى صغير به كبر
وما الدهر إلا من رواة قصائدي
إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
تمر بك الأبطال كلمى جريحة
ووجهك وضاح وثغرك باسم
إن كان سركم ما قال حاسدنا
فما لجرح إذا أرضاكم ألم
فليت هوى الأحبة كان عدلا
فحمل كل قلب ما أطاقا
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت
لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
كفى بك داءا أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايا أن يكن أمانيا
أما في هذه الدنيا كريم
تزول به عن النفس الهموم
ولم أر في عيوب الناس عيبا
كنقص القادرين على التمام
ولما صار ود الناس خبّا(كذبا)
جزيت على ابتسام بابتسام
وجاء في طلب المتروك تاركه
إنا لنغفل والأيام في الطلب
كلما أنبت الزمان قناة
ركب المرء في القناة سنانا
على غير اختيار قبلت برك لي
والجوع يرضي الاسود بالجيف
صغرت عن المديح فقلت أهجى
كأنك ما صغرت عن الهجاء
الجود عوفي إذ عوفيت والكرم
وزال منك إلى أعدائك الألم
على قدرأهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
عيد بأي حال عدت يا عيد
بما مضى أم لأمر فيك تجديد
دعوتك عند انقطاع الرجاء
والموت مني كحبل الوريد
دعوتك لما براني البلاء
وأثقل رجلي قيد الحديد
أنا السابق الهادي إلى ما أقوله
إذا القول قبل القائلين مقول
خلقت ألوفا لو رجعت إلى الصبا
لفارقت شيبي موجع القلب باكيا
ولقد سألنا ونحن بنجد
أطويل طريقنا أم يطول
وكثير من السؤال اشتياق
وكثير من رده تعليل
أزورهم وسواد الليل يشفع لي
وأنثني وبياض الصبح يغري بي
ما لاح برق أو ترنم طائر
إلا انثنيت ولي فؤاد شيق
مازلت تدفع كل أمر فادح
حتى أتى الأمر الذي لا يدفع
لك يامنازل في القلوب منازل
أقفرت أنت وهن منك أواهل
يا أعدل الناس إلا في معاملتي
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
أرى ذلك القرب صار ازورارا
وصار طويل السلام اختصارا
وإني إذا ما أردت اعتذارا
أراد اعتذاري إليك اعتذارا
سوى وجع الحساد داو فإنه
إذا حل في فؤاد فليس يحول
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم
ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا
شر البلاد بلاد لا صديق بها
وشر ما يكسب الإنسان ما يصم
لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليسعد النطق إذ لم تسعد الحال
أطال ثنائي عليه طول لابسه
إن الثناء على التنبال تنبال
(التنبال: القصير)
أعيذكم من صروف دهركم
فإنه في الكرام متهم
وكيف تعلك الدنيا بشيء
وأنت لعلة الدنيا طبيب
إذا كان ما تنويه فعلا مضارعا
مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم
أرق على أرق ومثلي يأرق
وجوى يزيد وعبرة تترقرق
فصرت إذا أصابتني سهام
تكسرت النصال على النصال
فصرت لا أبالي بالرزايا
لأني ما انتفعت بأن أبالي
وأتعب خلق الله من زاد همه
وقصر عما تشتهي النفس وجده
ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته
ما قاته وفضول العيش أشغال
من لو رآني ماء مات من ظمأ
ولو عرضت له في النوم لم ينم
وما كمد الحساد شيء قصدته
ولكنه من يزحم البحر يغرق
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأني كامل
تصفو الحياة لجاهل أو غافل
عما مضى منها وما يتوقع
تلذ له المروءة وهي تؤذي
ومن يعشق يلذ له الغرام
أعطى الزمان فما قبلت عطاءه
وأراد لي فأردت أن أتخيرا
الحزن يقلق والتجمل يردع
والدمع بينهما عصي طيع
يتنازعان دموع عين مسهد
هذا يجيء بها وهذا يرجع
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدم
إذا غامرت في شرف مروم
فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
الأمر أمرك والقلوب خوافق
في موقف بين المنية والمنى
الناس ما لم يروك أشباه
والعز لفظ وأنت معناه
والجود عين أنت ناظرها
والبأس باع وأنت يمناه
سلام الذي فوق السماوات عرشه
تخص به يا خير ماش على الأرض
ولابد من شكوى إلى ذي قرابة
يواسيك أو يسليك أو يتوجع