تاريخ الانسان

لعلَّ من زوائد الكلم القول بأن المسائل الخاصة بظهور الإنسان وتطور تقنيته واقتصاده في مرحلة ما قبل التاريخ قد عولجت في العديد من الكتب الجامعية العربية. غير أن هذا يدفعنا للإشارة إلى أن هذه الكتب قد تناولت تلم المسائل بالدراسة، في غالبيتها، من وجهة النظر الجغرافية التاريخية. ذلك لأنَّ دراسة الجغرافيا التاريخية، كما أشار الأستاذان الفاضلان محمد السيد غلاب ويسرى الجوهري، تتضمن أربعة موضوعات أساسية. أولاً، تطور الأرض والحياة منذ نشأتهما؛ وثانياً، تطور المسرح الجغرافي الحالي؛ وثالثاً، بزوغ الإنسان من العالم الحيواني وتطوره كائناً مكتملاً عاقلاً صانعاً للحضارة؛ ورابعاً، تفاعل الإنسان مع البيئة.

كذلك تتوفر بالمكتبة العربية كتب أخرى تناولت دراسة تلك المسائل من وجهة النظر الأنثروبولوجية التى تركز اهتمامها على دراسة موضوعين أساسيين الأول هو: أصل الإنسان وتطوره وتنوعه كائناً بيولوجياً؛ والثاني هو: مفهوم الثقافة، بناؤها وتطورها.

أما هذا الكتاب فإنه يمثل بحثاً تمهيدياً وضع ليلبى حاجة طلاب الجامعات العربية الدارسين للتاريخ. ولذلك فإن الكتاب يحاول أن يقدم المعلومات والأفكار الأساسية التى تقوم عليها دراسة مرحلة ما قبل التاريخ، أي تلك المرحلة التاريخية السابقة لتعرف الإنسان على إنتاج الطعام والكتابة. فالكتاب إذن يعالج الفترة التاريخية التى نالت مصطلح "العصر الحجري".

اعتمد المؤلف في دراسته لمرحلة مقبل التاريخ على التقسيم المرحلي الآثارى للعصر الحجري الذى أصبح معتمداً ومعترفاً به ويجد انتشارا واسعاً في المجالات العلمية المتخصصة بمختلف مشاربها واتجاهاتها. يقوم هذا التقسيم المرحلي الآثارى لمرحلة ما قبل التاريخ على أساس المواد الأساسية والأساليب المستخدمة في صناعة الأدوات الإنتاجية. ويفرز هذا التقسيم المراحل التالية:

1. العصر الحجري القديم الأسفل Paleolithic Age والذي يتم طرح بعض التقسيمات الفرعية بداخله

العصر الحجري القديم الأسفل Lower Paleolithic

العصر الحجري القديم الأوسط Middle Paleolithic

العصر الحجري القديم الأعلى Upper Paleolithic

2. العصر الحجري الوسيط Mesolithic

3. العصر الحجري الحديث Neolithic

وبالنسبة للمؤرخ فإن العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث لا يشكلان مجرد "عصر للحجارة المشذبة" و "عصر للحجارة المصقولة"، وإنما يشكلان مرحلتين في تطور البشرية البدائية، مرحلتين مختلفتين من حيث تطور القوى الإنتاجيَّة. إلا أنَّ ذلك التقسيم المرحلي الآثارى، حتى في حالة النظر إلى تفاصيله بحسبانها مراحل لتطور التقنية والاقتصاد والثقافة البدائية، يظل ضيقاً وغير مكتمل نسبياً في معظم كتب الجغرافيا التاريخية والأنثروبولوجيا العامة. ومن ثم فإن التقسيم الحقيقي للتاريخ البدائي لا بدَّ أن يشمل بالضرورة تطور العلاقات الاجتماعية وتطور أشكال التنظيم الاجتماعي كمراحل لتطور أسلوب الإنتاج المشتركي العشائري البدائي.

ويقدم الكتاب معالجة تتلاءم ومبدأ التناول التاريخى. إن تاريخ المجتمع البدائي يشغل حيزاً زمنياً يمتد لأكثر من مليوني سنة ماراً في تطوره بعدة مراحل تتميز كل مرحلة منها عن المراحل الأخرى تميزاً واضحاً. ولذلك فإن الكتاب ينطلق من حقيقة أن فهم تاريخ المجتمع المشتركي البدائي وفهم مراحله يستحيل بدون إنشاء تقسيم مرحلي علمي لتطوره.

وقد حاول الكتاب في بابه الأول معالجة المصادر الأساسية التى يعتمد عليها المؤرخ في دراسة مرحلة ما قبل التاريخ. إن إعادة رسم صورة لبعض مظاهر نمط الحياة، والعلاقات الاجتماعية، وأشكال التنظيم الاجتماعي تشكل معضلة صعبة ومعقدة بالنسبة لمرحلة ما قبل التاريخ حيث ينحصر تعامل الباحث فقط مع المعطيات الآثارية "البكماء". اهتم الكتاب لا بمعالجة المصادر الآثارية فحسب بل بالمصادر الاثنوغرافية كذلك. كما حاول المؤلف تقديم عرض وافي لمفهوم علم الآثار ومناهجه وأساليب بحثه وكذلك شرحاً لمفهوم الاثنوغرافيا وقضاياها.

» تاريخ التعلم و الكتابة و كيفية تطورها
» تاريخ الجزائر العاصمة
» تاريخ مدينة العطاف
» تاريخ الإنسان حتى ظهور المدنيات
» تاريخ الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج